جدلية التسامح والتشدد ـ دراسة موازنة في ضوء النص القرآني

الملخص

سنَّ القرآن الكريم تشريعاتٍ نظّمتْ سلوك الإنسان ولبّتْ حاجاته السوية، واستوعبت صيرورته التكوينية، مبينًا مضامين من مفاهيم وأحكام مآلها سعادة الإنسان واستقراره، ومنها تضمّنه ثنائيات متعددة، كثرةً ونوعًا ارتبطت بعضها ببعض لوشائج وعلائق تجمع بينهما، صوّرت رؤية القرآن الفكرية فيهما، معبرةً عن صورتهما في ميزان السنة الإلهية وبعدهما فيه، ومن هنا عرض القرآن الكريم الثنائيات الضدية لتكون المقايسة بين المفاهيم وبعدها الفلسفي أكثر إيضاحًا، وأنصع بيانًا. ومن تلك الثنائيات التي كثُر الجدل فيها، وأشار النص القرآني لذكرها مفهومًا، ثنائية التسامح والتشدد، فقد اعتنى القرآن الكريم بها عناية خاصة لفتت أنظار متلقي نصه المبارك، مما يشير إلى خصوصية هذا المطلب وأهميته، وآثاره في نشر الرسالة الإسلامية، وتنظيم العلاقتين الداخلية والخارجية مع الآخر، ولا يخفى أنَّ المراد من التسامح في البحث كل ما يرادف معناه أو يجاوره في الدلالة، كالحوار والتعايش السلمي، وقبول الآخر، وإشاعة السلام وغيرها، في حين أُريد من التشدد وجهان: الأول: الاستعمال القرآني لمفردة التشدد، والثاني: الاستعمال الاصطلاحي عند بعض الثقافات بما يُقابل التسامح من تعصب وتطرف وإرهاب وعنف وإلغاء للآخر وما يساقيها.